خيمتي مدرستي

تتالت الأيام ولا تزال وعد تنتظر بملل الوعود المتكررة بإنشاء مدرسة في المخيم والتحاقها بها، لقد طال انتظارها وشوقها إلى المدرسة، فمنذ أن أتت إلى المخيم قبل ثلاث سنوات وهي تعد الأيام كغيرها من الأطفال، لعلّ الحرب في بلادها تتوقف وتعود لحضن مدرستها التي تحب.

تحاول وعد قراءة أي شيء تصادفه، قطعة من جريدة ممزقة حملتها الريح إلى المخيم، ورقة لُفّ فيها طعام أحضره والدها، بل حتى حروف مطبوعة على خيمتها والخيم المجاورة، تحاول تهجئة أي كلام مكتوب حتى تبقى الحروف الأولى التي تعلمتها حاضرة في ذهنها ولا تنساها كما نسيت كثيراً من الأفراح التي مرت في حياتها.

وبينما كانت وعد واقفة في الطابور تنتظر دورها لتعبئة الماء، كان حديث مفرح يدور بين شابين يتحدثان عن معلمة خصصت جزءاً من وقتها لتعليم الأطفال في أحد المخيمات.

لم تنتظر وعد أن تسمع النتيجة، فقد حلق خيالها بعيداً في مشروع ضروري وهام ستعرضه على والديها عند العودة إلى البيت… أقصد إلى الخيمة.

ملأت حصتها من الماء، ثم راحت يداها الصغيرتان تجران إناء الماء تارة، وتحملانه تارة أخرى، لكن هذه المرة دون أن تشكو من ثقله، فما تفكر به منحها قوة إضافية لتصل إلى الخيمة أسرع من أي وقت مضى.

دخلت مسرعة، كانت أمها تعد شيئاً ليأكلوه، أما أبوها فكان مشغولاً بترقيع طرف الخيمة، ففصل الشتاء اقترب ولا بد من فعل شيء.

قفزت وعد نحو أبيها مستبشرة وقالت:

  • ما رأيك يا أبا وعد بمشروع جديد؟

رفع أبوها رأسه، ثم قرص خدها الصغير الذي لفحته الشمس والريح وتابع عمله.

قالت وعد: -أنا جادة يا أبي، ما رأيك أن نستثمر خيمتنا؟

قهقه الأب بصوت عال جعل أم وعد تقبل لتعرف ما يحصل، وما إن رآها حتى صاح: – تعالي واسمعي؛ صارت ابنتنا صاحبة مشاريع واستثمارات!!!

وقبل أن يتابع قالت وعد: – ما رأيكما لو حولنا خيمتنا إلى مدرسة يقصدها أطفال المخيم للتعلم؟

توقف والدها عن الترقيع، وقام ينفض ثيابه من التراب العالق بها وقال: – ومن سيكون الأستاذ يا وعد؟

– أنت بالطبع، ألست مهندساً بارعا لا يستعصي عليه بناء؟! وبناء الإنسان يا أبي أهم بناء.

اتسعت ابتسامة الوالد وضرب كفه كف وعد معلنا اتفاقاً تاماً على المشروع.

يومان وكانت المدرسة الجديدة جاهزة؛ لوح خشبي وبعض الأوراق للأطفال.

وبعد إعلان الافتتاح ازدحم الأولاد في طابور طويل، ولكن ليس لملئ الماء هذه المرة، وإنما للنهل من07 - Copy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *