مغامرات نمولة وعسولة 4

 

انطلقت عسولة تجمع الرحيق بهمة ونشاط، وهي تقفز من زهرة لأخرى بخفة ورشاقة وتغني تارة وتدندن تارة أخرى، وبينما هي على ذلك رأت صديقتها نمولة تحمل حبة قمح على ظهرها لتوصلها لمخازن النمل بسلام، فنادتها وهي تقترب منها:

   نمولة صديقتي متى سيحين وقت راحتك كي نلهو قليلاً؟ فأنا أريد أن أكافئ نفسي بعد عمل يوم شاق، بأن أمنحها وقتاً للعب.

– فلنؤجل اللعب قليلاً يا عسولة، فعملي لم ينتهِ بعد، ولنلتقي بعد العصر في المكان الذي نلعب فيه عادة.08

ودّعت نمولة عسولة وذهبت تكمل عملها. أما عسولة فرغبت في بعض الراحة، فجلست على زهرة جميلة تراقب غيوم السماء البيضاء، وبينما هي على ذلك لاح في الأفق جسم غريب ما لبث أن هبط بسرعة على الأرض. فزعت عسولة منه فهي لم ترَ شيئاً كهذا من قبل، وخافت أكثر عندما فُتح باب ذلك الجسم الكروي لتخرج منه نحلة غريبة الشكل.

تسمرت عسولة بمكانها وتذكرت حكايات أمها عن الفضاء والمركبات الفضائية. وتذكرت الصور التي شاهدتها في كتابها المفضل عن رجال الفضاء. لكن يا ترى هل يوجد نحل فضاء أيضاً؟! بينما تحدث عسولة نفسها اقتربت منها النحلة الغريبة وقالت لها:

   مرحباً! أنا نحولة من الفضاء الخارجي، جئت إلى هنا بحثاً عن لقاح شاف لملكتنا المريضة، فهلا ساعدتني بإيجاده؟

ارتبكت عسولة ولكنها أحست أن نحولة بحاجة للمساعدة، فقالت:

   حسناً سأساعدك، هلا وصفت لي الزهرة التي فبها اللقاح الشافي؟ فأنا خبيرة بهذه الحقول.

وصفت نحولة الزهرة لعسولة ثم طارتا معا تتنقلان من زهرة لأخرى، لكن دون جدوى، فلا وجود لتلك الزهرة. تعبت عسولة وجلست لترتاح قليلاً. فقالت نحولة الفضائية لها:

   أراك ترتاحين! لا وقت للراحة وعلي أن أعود للفضاء اليوم، هيا قومي لنكمل البحث.

تضايقت عسولة من أسلوب نحولة الفظ وقالت:

   اطلبي بطريقة ألطف، فأنا أساعدك لحبي للمساعدة مع أن أمي حذرتني مراراً من صحبة الغرباء. وأنا أخالف أوامرها الآن سعياً لشفاء ملكتكم، أهكذا تقابلين معروفي ومساعدتي؟!09

   سآخذك معي إذاً إلى الفضاء وهناك ستستمعين إلى أوامري رغماً عنك… هيا…هيا.

ندمت عسولة على تكلمها مع الغرباء، ولو أنها طلبت المساعدة من أمها لتلبية حاجة النحلة الفضائية لكن أنفع لكليهما، وصارت تبكي وتصرخ:

   لا أريد الذهاب إلى الفضاء، أرجوك دعيني وشأني… لا … لا.

ولم يوقظها من حلمها المزعج هذا سوى قطرات الندى التي سكبتها نمولة على وجهها وهي تضحك وتقول: – أي فضاء هذا؟ أراك متأثرة بما تقرئين من قصص، هيا فقد مضى الوقت وأنهيت عملي بينما أنت غارقة بأحلام مرعبة.

تنهدت عسولة بعمق وحمدت الله أن ما جرى كان مجرد حلم لا أكثر. تعلمت منه درساً، جعلت منه حكاية ترويها لصغار النحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *