قصة بنكهة الفول النابت

 

بقلم علا

رسوم حسام الدندشي

 

أعد الدقائق والثواني وأنا في المدرسة لكي أراه كعادته واقفاً على جانب طريق عودتي من المدرسة، كان رجلاً هرماً ولكن التجاعيد التي على وجهه ما استطاعت أن تخفي جمال ابتسامته التي تعلو وجهه.

العم عادل هكذا نناديه… كل الأطفال تحبه وتقف عند عربته لتشتري أطيب فول نابت في الحي.10

كنت أخبئ مصروفي اليومي لأحظى بصحن فول من عنده فأنا أحب الفول النابت، ولكن كان هدفي الأكبر أن أسمع قصصه الظريفة التي يرويها لنا نحن الأطفال، قصصاً لم أسمعها من أحد قبله وربما ينسجها من وحي خياله.

أظن أنه لو لم يكن بائعاً متجولاً لكان كاتباً للأطفال فأنا أشم رائحة شغفه بالحكايات
وأرى في عينيه محبته للأطفال، ولكني أتساءل أين هم أطفاله؟ أراه وحيداً لا ولد له
ولا حفيد.

مر أسبوع ولم أره ولكني سمعت والدي يقول لوالدتي أن العم عادل مريض ولم يعرف الأطباء سبب مرضه وهو منذ أسبوع يمكث في فراشه يأبى أن يخطو خارج منزله خطوة واحدة.

تألمت لغيابه عنا فأنا قد اعتدت على رؤيته يومياً فهو يشبه جدي الذي لم أره ولكن استطعت أن أرسم صورة له في بالي من كلام والدي عنه.11

اليوم بعد عودتي من المدرسة اتجهت إلى بيت العم عادل لأطمئن عليه وأخبره بكمية الأشواق التي يحملها له أطفال الحي، وكم هو كبير الفراغ الذي تركه خلفه، قلت له هذا الكلام بسرعة دون توقف ما إن فتح الباب لي. فانهمرت دمعة من عينه وجلس القرفصاء وعانقني بشدة قائلاً:

– كنت أشعر بالوحدة بعد سفر أولادي ولكن أنتم أولادي وأحفادي… أنتم نبض قلبي أنتم تلك البسمة على ثغري.

أجلسني على عربته وعاد صوته يصدح فول نابت…. فول نابت… مع كل صحن فول قصة لم تسمعها من قبل.

ركض الأطفال باتجاهه وعدنا كما كنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *