أيام المدرسة 4

4712

إنه موسم المبارايات الساخنة، يحل المساء فنتسمّر قرب الشاشات ونبدأ بالتشجيع، إنه الهداف الذي أحبه، كرته لا تخطئ المرمى.

– هدف…!

أقبل أبي غاضباً إثر صراخي وقال:  ما سر صياحك؟ أأصابك شيء؟

–        يا أبي، إنه المهاجم الفذَ، أحرز هدفاً مذهلاً…!

–        أممم مباراة إذن! لا بأس، ولكن إياك أن تلهيك عن دروسك.

مرت عطلة الأسبوع بسرعة وجمعتنا مدرستنا، كان الطلاب واجمين، لا ينبس أحدهم بكلمة، وقد أحس الأستاذ محمد بالأمر فسأل رزيناً في الاستراحة مهتماً، ولمحته يهز رأسه بأسف، أنهى محادثته مع المعلم وجلس قربي متسائلاً هو الآخر: – وإلى متى هذا الصمت؟ لم لا نلعب لعبة ما؟ أشحتُ وجهي وقلت بغضب:

– لن أشارك بشراً وعامراً في أي شيء، لقد سخرا من فريقي لأنه خسر.

–        وأنت أيضاً هزئت بالفريق الذي يشجعانه، يا لعقولكم الصغيرة.

– عقولنا ليست صغيرة، الأمر جلل يا متفوق الصف. قال عامر.

إزاء هذا الإصرار انسحب رزين وكاد يمضي يومنا على هذه الحال المؤسفة، إلى أن أقبلت حصة الرياضة، تفاجأنا بالأستاذ محمد واقف مع مدرس الرياضة يخبره بشيء ما، ثم يقول لنا: سنقيم مباراة حامية بينكم، وسنبدل التقسيم كل شوط.. ما رأيكم؟ قفز بشر سعيداً لكن حماسه هبط فجأة وقال: لكنني لن ألعب مع بلال..

مدرس الرياضة: هذا قرارنا نحن، وإلا فلا حصة رياضة!

ارتفعت أصوات رجائنا ونحن نقول: كما تريد يا أستاذ، وهكذا تم القرار بأن يلعب المتشاجرون معاً، لم نكن نود أن نتشارك لعبة، إلا أن وطيس المباراة حمي، وكاد الفريق الآخر يغلبنا، فعزت علينا الخسارة، والتقت نظراتنا أنا وبشر وعامر ولمع في أعيننا بريق الشوق إلى إحراز الفوز، وهنا اتسعت ابتسامتنا وهتف بشر بصوت عالٍ:- فلنثبت أننا نستطيع الربح.. تلاشت الكآبة التي كانت تفرض ظلها المقيت وعادت المتعة تحتل صفوفنا.

بانتهاء المباراة استلقى اللاعبون على أرض4713 الباحة متعبين يلهثون، وراح الجميع يهنئ فريقنا، أما الأستاذ محمد فقد توسطنا وقال: أبنائي، الكرة لعبة خلقت للمتعة، إن أحببتها فعليك أن تتلذذ بلعبها، بغض النظر عن الفائز، كما أن روح التعاون وحدها تستطيع أن تجلب لكم الربح، فقد كدتم تخسرون عندما أعرضتم عن بعضكم، ثم تعالوا أريكم ما حدث بعد مباراة أول أمس، الفريقان اللذان تشاجرتم لفوز أحدهما وخسارة الآخر كان قائداهما يسلمان على بعضهما مبتسمين بعد انتهاء اللعب، فلتعرفوا أن القنوات الرياضية وما يشبهها مرتبطة بأعمال وعقود ولذا فإنها تروج لفريق على حساب الآخر وتصنع الضجة عبر حثكم للتشاجر، فلا تكونوا فريسة سهلة للإعلام.

رمقه بشر بذهول ثم قال: أستاذ.. لقد أصبحت حكمك الثمينة أكبر من استيعابنا. ضحك الأستاذ بصفاء وتمتم: يا عزيزي بشر، إني أثق بكم وأعرف أنكم تفهمون كل ما أقول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *