أيام المدرسة 2

1 أيام المدرسة

الحلقة الثانية

بقلم رغد خالدية

رسوم هدى النسرين

الاستقبال غير اللائق

كنا ننتظر من معلمنا ردة فعل غاضبة أو منزعجة إزاء ما فعلناه لحظة دخوله، لكن هدوءه فاجأنا فهدأت أصواتنا، ورحنا نراقبه مندهشين، ألم يزعجه شغبنا؟! ألن يغادر؟ ألن يوبخنا؟ تركنا في حيرتنا لحظات يرتب خلالها أوراقه ويضع كتبه على الطاولة، ثم قال: السلام عليكم..

أجبنا بصوت خافت: وعليكم السلام.. قالها وتمشى على المنصة وكأنه ينتظر منا أن نعاود الضجيج، شعر بشر بالغيظ لأن خطته فشلت، ووقف قائلاً: يا أستاذ..

ــ  ماذا تريد؟

ــ  ألن تقول شيئاً؟

ــ  آه، بلى.. تذكرت، وددت إخباركم أني عازم على أن أكون صديقكم..

خبط بشر جبهته منهزماً وهو يردد غير مصدق: صديقنا؟ فأجاب المعلم ببساطة: نعم صديقكم، فلنتعاون معاً لنكسب معلومات تفيدنا وخبرة وتجارب تعيننا في الحياة، نظرنا إليه وذهولنا يرتسم على ملامحنا حتى إني تساءلت: عفواً.. هل أنت حقاً أستاذ صفنا الجديد؟ هز رأسه واثقاً وقال: بالطبع، ولدي مشكلة يجب أن أعرضها عليكم علّكم تفيدونني بحل لها. هنا وقفت ثانية متصدراً أصدقائي وقلت بصوت جهوري: نحن لها يا أستاذ، حلالون لكل المشاكل، أخبرنا لنساعدك بما نستطيع.

ــ  حسن، لنرَ، ما رأيكم أن يزوركم ضيف فتعبسوا في وجهه وتطردوه؟ لقد فعل أطفال أعرفهم هذه الفعلة، وأزعجوا ضيوفهم كثيراً، كما أنهم أثاروا الضجيج وتشاغلوا بأعمال عديدة ليوصلوا رسالة خاطئة عن أنفسهم.. اكتست وجوهنا حمرة الحياء، لم يعد أحدنا يدري ما يقول، الأستاذ يقصدنا بلا شك، لم ينقذنا سوى رزين حين صاح قائلاً: نحن نعرف مقصدك جيداً يا أستاذ، لقد نصحت هؤلاء الأطفال مراراً، لكنهم أصروا على فعلتهم لأنهم كانوا متضايقين من أمر ما..

ــ  وهل ضيقنا وظروفنا الصعبة تبرر إساءتنا للآخرين؟

أجاب رزين بـ “لا” بينما بشر يرمقه غير مبالٍ ويتمتم: من هؤلاء الأطفال؟ على من تعرفت يا رزين من وراء ظهرنا؟ أسكتُّه بنقرة خفيفة على كتفه وقلت: ألم تفهم بعد؟ هؤلاء نحن يا فهيم!2

لمحنا المدرس لكنه تابع حديثه: أطفالي الأعزاء، هذه المشكلة تشبه ما حدث اليوم، فكيف إن كان الضيف ليس ضيفاً فقط.. بل معلماً؟ هذه المرة الأولى التي أزوركم فيها، تمنيت أن أرى ابتساماتكم تزين وجوهكم الجميلة، فأنا أتفاءل لرؤيتها، أدري أنكم أطفال طيبون، وأنكم تعلمتم احترام الكبار خاصة المعلمين الذين يجتهدون من أجلكم بالكثير، معلمتكم سافرت في عمل، وأنتم تريدون لها كل الخير، فلم هذا الشغب؟ أطرقنا جميعاً نفكر في حلّ لهذه المشكلة، فكيف لنا أن نجمل صورتنا في عين أستاذنا الذي استقبلناه استقبالاً كهذا؟

                                     يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *