حي القصاصات الملونة

1

رسوم نجلاء الداية

تعالت الأصوات في باحة المدرسة الخلفية، وبدأ صوت فراس يعلو ويهدد كل من حوله بأنه لن يرحم أحداً، وتعالت أصوات أخرى وبدأت المشاحنات تزداد بين الأصوات. وصل المشرف و فرق تجمع الطلاب وطلب منهم الانصراف إلى دروسهم.

في الصف مازال فراس يتوعد، وماهر مضطرب من توعده وباقي الطلاب كل واحد بحال لا يعرف كيف يتصرف، فالكل يعرف فراساً ومدى ما يسببه من إزعاج للآخرين إلا مجداً كان صامتاً محافظاً على رباطة جأشه، ترتسم ابتسامة على وجهه لتعكس هدوء حاله.

لم يستغرب الطلاب من تصرف مجد فلم تكن هذه أول مرة يتصرف بها بهذا الشكل. فقد تعرض لمضايقة مباشرة من فراس فيما سبق ولم ترتسم على وجهه غير ابتسامة وتكلم معه بكل هدوء كي يتوقف عن مضايقته.

شخصية مجد العجيبة أثارت فضول زملائه وبدأت الإشاعات تدور حول مجد أن وراءه سراً ما، وهذا السر شغل بال الجميع. فحاول التلاميذ سؤال واستجواب مجد لمعرفة السر لكن دون فائدة.

في أحد الأيام دعا مجد أصدقاءه إلى بيته وبعد أن تناولوا الحلويات،  قرروا الجلوس في غرفته. وكانت المفاجأة عندما دخلوا غرفة مجد حيث ارتسمت الدهشة والاستغراب على وجوههم.

كانوا ينظرون إلى حائط الغرفة المغطى بأوراقٍ صغيرة ٍملونةٍ وأحجامٍ مختلفة لتشكل لوحةً جميلةً رائعة.

2

عرف مجد أن أصدقاءه يريدون معرفة سر هذا الحائط  فتكلم قائلاً:

–  بعض التلاميذ  يعتقدون أني لا أنزعج من أي شخص، وأن لا شيء يزعجني ولا أفكر بأذية من أساء لي، لكن3 هذا غير صحيح أبداً. فأنا مثل الآخرين أغضب وأنزعج، حتى أني كنت أغضب أكثر من أي تلميد تعرفونه. لكن منذ عدة سنوات وبمساعدة والديّ بدأت بهذه اللوحة الفنية التي أستطيع أن أستخدم فيها أية مادة أو لون لأنجزها. فكل قطعة صغيرة أضيفها على هذه اللوحة ألصق معها فكرة أو تصرف سيئ أفكر به أو أفعله أو يزعجني.

– هذا صحيح!. أجاب الأصدقاء وهم ينظرون  إلى اللوحة الفنية عن قرب فتمكنوا من مشاهدة العبارات المكتوبة على كل قطعة من هذه اللوحة… فهذه مكتوب عليها “أحمق” وهذه “ألم” و”حزن” و”غبي” ومئات من الأفكار السلبية الأخرى.

–  بهذه الطريقة بدأ4ت أحول كل أفكاري وأوقاتي السيئة إلى لوحة فنية جميلة أزين بها غرفتي. أحب هذا الفن فكل مرة يزعجني شخص ما أشعر بسعادة لأن هذا يعني أني  سأضيف قطعة جديدة للوحتي الفنية. أكمل مجد حديثه مبتسماً.

قضى الأصدقاء وقتاً ممتعاً في بيت مجد، خصوصاً أنهم عرفوا سر مجد العجيب، وكيف تمكن أن يكون بمثل هذه الشخصية السعيدة الإيجابية، عندما فكر بتحويل أفكاره المزعجة إلى فرصة للابتسامة والإبداع.

في ذاك اليوم، عاد كل صديق إلى بيته وهو يفكر بلوحته الفنية وبدأ كل واحدٍ العمل بسريةٍ على لوحته الفنية. حتى اكتشف مؤخراً أن الشارع بأكمله أصبح لديه روائع من اللوحات الفنية  المصنوعة من القصاصات الملونة التي تتزين بها بيوت الحي. فأطلقوا على هذا الحي “حي القصاصات الملونة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *