كتابي كتابك

 

بقلم: علي الرشيد

رسوم: بشرى طعمة

عُرِف ممدوحٌ بين زملائه في المدرسة والحيّ بحبِّ المطالعة، فقد اعتاد ألاّ يفارق الكتاب إلا حينما يكتب واجباته المدرسية، أو يساعد أمّه، أو يمارس الرياضة.photo2

ومن العبارات التي اشتُهِرَت على لسانه أنّ الكتاب أعزّ أصدقائه، وأنّ أجملَ نزهة عنده هي التي تكونُ بين الكتب، وفي المكتبات العامّة .

لم يكن ممدوح يخرج من بيته إلا بصحبةِ كتاب يختاره، يقرأ في الباص أثناء الذهاب إلى المدرسة  أو العودة منها، أو مساءً في الحديقة العامة القريبة من بيته، أما عطلة نهاية الأسبوع، فتكون فرصته الثمينة لإنهاء عدد من القصص، التي تقع عيناه عليها.

ولهذا السبب؛ كان ممدوحُ  يتمكّنُ من الإجابة على الأسئلة التي يطرحها معلِّموه من خارج المنهج الدراسيّ، في بداية الحصص أو نهايتها، كما كان متميزاً في أسلوبه، ويحصل على درجاتٍ عاليةٍ في موضوعات التعبير.

ذاتَ مرةٍ قرّر صديقه عصام أن يزوره في البيت، بقصد الاطلاع على مكتبته، واستعارة بعض الكتب منها، وكم كانت مفاجأته كبيرةً حينما أخبره أنّه لا يملك مكتبة خاصة به.

ـ وأين تذهب بالكتب التي نشاهدها بين يديك؟!photo3

ـ أقوم بإهدائها أولاً بأول بعد الانتهاء من قراءتها، وخصوصا لصديقٍ لي أعرفُ أنّ إمكانياتِ أسرته لا تسمحُ لها بشراءِ كتبٍ له.

ـ ولكنّ الكتب ثروة ينبغي ألا تفرِّط بها..أليس كذلك؟

ـ نعم إنها ثروة لا تقدَّرُ بثمن.. لكنْ يمكن أن نتنازل عنها لمن لا يقدرون على اقتنائها، كما نتنازل عن جزء من مالنا وممتلكاتنا؛ لمساعدة الفقير على شراء طعامٍ أو كساء.

أُعجبَ عصام بما يقوم به صديقه، فما كان منه إلا أن أخبر الأستاذ منتصراً مربّي الفصل، فقررَ الأخير تطويرَ الفكرة وتعميمها على مستوى طلاب المدرسة، لتكون مبادرةً تطوّعيّةً لإهداء الكتب المقروءةِ  باسم: ” كتابي كتابك”، وتمّ وضعُ ممدوح مشرفاً عليها.

في غضونِ شهرٍ تمكّنت مبادرةُ ” كتابي كتابُك” من جمع أكثر من ألف كتاب، تبرَّعَ بها طلبةُ المدرسة، وتمّ تخصيصُ مكتبةٍ لها، ثم صارتْ تقوم بإعارةِ الكتب والقصص للتلاميذ، وهو ما أتاح لهم فرصة أكبر للمطالعةِ وتبادل المعلومات، وخصوصاً مَن يصعبُ عليهم شراؤها منهم. وكان أحد أنشطتها الأخرى توجيه دعوة للأسر التي أصبح أبناؤها شباباً للتبرع بقصص الأطفال التي بحوزتهم، لتعميم الفائدةِ على الصغار في الأحياء المحيطةِ بالمدرسة.

وقبل نهايةِ العام الدراسيِّ قرّر مديرُ المدرسة تكريمَ ممدوح تقديراً منه لحبّهِ للمطالعة، وإشرافه على مبادرةِ ” كتابي كتابك”، التي شجّعت الطلابَ على القراءةِ، وفتحتْ لهم نوافدَ الاطلاع، وصارتْ تجربةًphoto4 جميلةً تقتدي بها مدارسِ المدينة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *