حرف الباء

جلسَتْ ليلى بين أصدقائِها تشرحُ لهم عن الإنسانِ وعن أهميةِ عقلِه وأنه يستطيع أنْ ينشرَ العدلَ والخيرَ إنْ شاءَ أو أنْ ينشرَ الظلمَ والشرَّ إنْ شاء.
سألها الأًصدقاءُ : مِنْ أين أتتْ بهذه المعلوماتَ القيمة ؟
فأجابتْ ليلى بكلَ فخرٍ: أبي يشرحُ لي معاني الربيعِ العربي!
تسائلَ أصدقاءُ ليلى: ماذا تعلمتِ أيضاً يا ليلى عن الربيعِ العربي؟ أخبرينا !
ليلى متلبكة قليلاً : سأسألُ والديْ اليومَ عن حرفِ الباء وسأخبرُكُم لاحقاَ !
فردَّ أحدُ الأصدقاءِ: وما دخلُ حرفِ الباءِ بالربيعِ العربي؟
ليلى بثقةٍ أكبر: إنني أكتشفُ كلماتٍ جديدةً في كلِّ مرةٍ، وحتى لا أنساها أتعلَّمُها بتسلسلها الأبجدي !
استحسن الأصدقاءُ الفكرةَ وطلبوا من ليلى أن توافيهم بآخرِ أخبارِ حرفِ الباء وبأسرعِ ما يمكن !
في ذلك المساءِ كانت ليلى متلهفةً لمتابعةِ لعبةِ الأحرف مع والدها، وبعدَ أنْ أنهت واجباتِها المدرسية جلستْ مع والدِهاlayla21_thumb.
الأب : هل تذكُرينَ يا حلوتي، كنّا قد تحدّثْنا عنِ الإنسانِ، أليسَ كذلك؟
ليلى: نعم يا بابا
الأبُ : ما هو أهمُ شيءٍ تعلَّمْتِه من حديثِنا يا ليلى؟
ليلى: تعلمتُ أنَّ الإنسانَ … هوَ … ممم … هوَ حاملُ الأمانةِ، وأنَّ الأمانةَ هي العقلُ يا بابا
الأبُ: هذا صحيح ! اليومَ سوفَ نتحدثُ عن الحرفِ الثاني في ترتيبِ الأحرفِ الأبجديةِ. هل تعرفينَ ما هو يا حلوتي؟
ليلى: نعم ! إنه حرفُ الباء .
الأبُ : ممتاز. اليومَ أريدكِ أنت أن تختاري كلمةً مهمةً تبدأُ بحرفِ الباء !
ليلى: (تفكر قليلاً) … ممم، بيت؟!
الأبُ : بيت، كلمةٌ جميلةٌ، بيت كلمةٌ تبدأُ بحرفِ الباء. وعندي كلمةٌ مهمةٌ جداً تبدأُ بحرفِ الباءِ أيضاً وتشبهُ البيتَ !
ليلى: حقاً ؟ ما هي يا بابا ؟
الأبُ: بلديْ ليلى ! هلْ تعلمينَ معنى كلمةِ بلد يا ليلى؟
ليلى: نعم، أعرف. أعرفُ أن بلد تعني … تعني … مثلَ سوريا ؟ صح ؟
وركضتْ ليلى وأحضرتْ خريطةَ العالمِ وأشارتْ إلى موقعِ سوريا على الخريطة بفخرٍ وهي تقول: سوريا، هنا، انظرْ يا بابا، هذه بلد؟ صح؟
بابا: صحيح، سوريا هي بلد، ولكن دعينا نفكرْ بمعنى كلمةِ بلد !
ليلى: ماذا تقصدُ؟
الأبُ : البلدُ ليسَ فقط مكانٌ نشيرُ إليهِ ونحدِدُه على الخريطةِ يا ليلى !
ليلى: كيف ؟ أنا أعرفُ أن هذه هي سوريا وهي بلدي !
الأبُ : سأضربُ لكِ مثلاً عن كلمةِ بيت، إذا سألتُكِ ما هو بيتكِ يا ليلى، بماذا تفكرين؟
ليلى: بيت تعني … تعني هنا، المكانَ الذي نعيشُ فيه؟
الأبُ : صحيح، ولكن هل هو الجدرانُ والأبواب؟
ليلى: ممم، لاااااا !
بابا : هل هو الأشياءُ التي في المكانِ مثلَ البرادِ والحاسوب والتلفيزيون؟
ليلى : أنا أحبُ مشاهدةَ التلفزيون، ولكن بيتي ليسَ فقط هو التلفزيون والحاسب
الأبُ : جيد ، الآن فكِّري بأكثرِ شيءٍ يجعلكِ تستمتعين بوجودِكِ في هذا المكانِ الذي تُسَمِّينَه “بيتي”
ليلى : ماذا تقصدُ يا بابا ؟ هذا سؤالٌ صعب !
بابا : حسن، سوف أهونُ عليكِ. تخيلي أنكِ تعيشين لوحدكِ في هذا المكان، كيف سيكون شعوركِ ؟
ليلى : لوحدي لوحدي؟ بدونِكَ أنتَ وماما ؟
الأبُ : نعم، بدونِ أي أحد، فقط أنتِ لوحدكِ. هل ستكونين سعيدة؟
ليلى : أبداً. كنت سأكونُ خائفةً ووحيدة. لا أحبُ أنْ أكونَ خائفةً أو وحيدة !
البُ: إذاً ما هو أهمُ شيء في البيت؟
ليلى: ممم، نحنُ يا بابا … آه … الإنسان!؟
الأبُ : نعم يا حبيبتي، الإنسانُ هو أهمُ شيء. بدونِنا لن يكونَ هناكَ حبٌ ولا سعادةٌ ولا لعبٌ ولا مرح !
ليلى: ولا أحدٌ يحكي لي قصةً قبلَ النوم .
الأبُ : صحيح .
ليلى: ( وهي تحرك الخريطة في يدها ) ولكن ما دخلُ هذا بالبلد؟
الأبُ : البلد هو بيتنا جميعاً يا صغيرتي، البلدُ ليس فقط مواقعاً نزورُها ومدناً نتعلمُ أسماءَها. أهمُ شيء في البلدِ هو الناسُ الذينَ يعيشون فيه، هو الاحترامُ المتبادلُ بينهم، هو العدلُ والتسامحُ والقانونُ الذي يجمعهم !
ليلى: هلْ يعني أنَّ البلدَ هو بيتُنا الكبير ؟
الأبُ : نعم .
ليلى: رائع! أنا الآنَ أحبُ بلدي أكثر !layla2-2-thumb
الأبُ : لماذا ؟
ليلى: لأنه يشبه بيتَنا يا بابا ولكنَّه أكبر
الأبُ : ولماذا تحبين بيتَنا يا ليلى؟
ليلى: لأننا نحبُ بعضَنا يا بابا !
الأبُ : ونحترمُ بَعضنا أيضاً. ما نعيشُه في بيتِنا الصغير يجبُ أنْ نطبِّقَه في بيتِنا الكبير، في بلدِنا. البلدُ هو عائلتُنا الكبيرة يا ليلى !
ليلى : بابا … أنا أحبُ بلدي، وأحبُ عائلتي وأحبُّك يا بابا !
الأبُ : وأنا أحبُّك أيضاً يا حلوتي !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *