هكذا أرى السعادة

بقلم رغد خالدية

رسوم عمران

 

فكرتُ طويلاً دون أن أعثر على ضالّتي، ما الذي يمكن رسمهُ للتعبير عن أمرٍ كذاك؟ جميع أصدقائي في مقاعدهم أتمّوا لوحاتهم ومستعدون لتسليمها، بينما بقيت جالساً مكاني دون أن أحرك قلمي على تلك الصفحة البيضاء الفارغة، وسمعت صوت مدرستي يهتف: بقيت ربع ساعة لاستلام لوحاتكم!

يا إلهي! سيجعلني هذا أسابق الزمن في محاولةِ رسم شيء مناسب، رحت أعصر ذهني، وأكرر تلك الكلمة مراراً: السعادة؟ السعادة؟ أرسمُشيئاً يُعبر عن السعادة؟ لم أكن أستطيع تعرف أفكار أصدقائي وما رسموه فنحن في امتحان، لكنني جزمتُ أنهم رسموا وجهاً ضاحكاً، أو أطفالاً يلعبون، أو بوالين منفوخة.. وبما أنني تأخرتُ في الاختيار فقد تضاءلت أمامي الاحتمالات… تنهدتُ… عليّ أن أنسى أنني في موقفٍ امتحاني، فالرسمُ يتطلب الاسترخاء، الرسم إبداع، والإبداع يحتاج منا التحليق بعيداً وتصفية أذهاننا تماماً، وعندها، بدأت أفكاري تتبلور، وأحسست أن بإمكاني النجاة والفوز في هذا الامتحان، وبدأت عندها أرسم.

مرّ أسبوع، دخلت مدرسة الرسم مبتسمة وسلمت أصدقائي لوحاتهم ودرجاتهم. كان قلبي يخفق برعب، فاسمي ولوحتي لم يظهرا حتى الآن، وسمعت صوت المدرّسة يقول، وابتسامة غريبة على وجهها: أظن أن أحدكم لم يستلم ورقته بعد.

– آنستي، إنه أنا… لقد كنت آخر من سلمكِ ورقته يوم الامتحان، لكنني حقاً لم أقصد ذلك، فالسبب أني فكرت طويلاً فيما يمكنُ رسمه.

– ولمَ تبدو خائفاً؟ ألست واثقاً فيما رسمتُه؟ أم بدلت رأيك؟

– على العكس، لقد أحببتُ لوحتي حقاً، ولا زلت.

– حسنٌ، أحسنت، صفقوا لصديقكم، فقد حصل على الدرجة الأعلى بينكم لجمال فكرته ونقائها.

استلمت لوحتي وسط التصفيق، ونظرت إليها راضياً، فقد عبّرت عن السعادة من وجهة نظري بأن رسمتُ عائلة!

وأنت كيف ترى السعادة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *