بقلم عارف الخطيب
رسوم: مايا
أشرقت شمسُ الصباح، تنشرُ النَّقاء والضِّياء.
طارتِ الذبابة المشاكسة. نزلَت على كومة ِ أقذارٍ، ترتعُ فيها الجراثيمُ، تناولَت طعامَها الملوَّث، وطارت مُحَّملةً بالجراثيم. مرَّت بأطعمةٍ مكشوفة، تُباعُ للأطفال. هجمَت عليها مسرعةً، زرعَت فيها الجراثيمَ والأمراضَ، وقالت مسرورة:
– أنا أُمُّ الجراثيم!
طارت الذبابةُ المشاكسة ودخلَت أحدَ البيوت.
رأت طفلاً نائماً، يحلمُ أحلاماً سعيدة.
بادرَت إليه مسرعةً وأخذَت تلسعهُ وتؤذيه.
اضطربَ الطفلُ وعبس وجهه.
حامتِ الذبابةُ فوقه ريثما هدأ، ثم عادت إليه تحوم فوق وجهه وتحط على عينيه.تألَّمَ الطفلُ، وأجهشَ بالبكاء.
هرعت أمُّهُ إليه فوجدتِ الذبابةَ على وجهه.
طردَتها عن طفلها، وصارت تهدهدُهُ، ليعودَ إلى نومهِ.
ظلَّ الطفلُ يبكي، ولم يعد إلى النوم.
نظرتِ الذبابةُ إليه وقالت:
– لماذا تبكي يا صديقي الصغير؟!
طارتِ الذبابةُ إلى غرفةٍ أخرى، رأت رجلاً غارقاً في الكتابة.
نظرت إلى ما يكتبهُ. لم تفهم منه شيئاً!
ولو كانت متعلِّمةً، لقرأت حكايةً جميلة.
حطَّتِ الذبابة ُعلى الورقة، وحاولَت أن تأكلَ الكلمات.
كشَّها الكاتبُ غاضباً، وعاودَ الكتابةَ، فعادت إليه وسقطت على أنفهِ. ضربَها بيدهِ، فأصابَ أنفَهُ وأخطأ الذبابة! رمى قلمه، وقال مغتاظاً:
– لن أقدرَ على الكتابة وفي بيتي ذبابة!
قالتِ الذبابةُ مدهوشة:
– لماذا لا تكتبُ يا صديقي؟!
وطارتِ الذبابةُ المشاكسة.
شاهدتْ قطَّةً غافية، في زاويةٍ هادئة. أخذتِ الذبابةُ تطن فوقها. حطَّت على وجهها، وتحوم حولها. نهضتِ القطَّة ُغاضبة، وغادرت زاويتَها وأحلامَها. قالتِ الذبابةُ:
– لماذا رحلت يا صديقتي القطة؟!
وطارتِ الذبابة المشاكسة.
أبصرت حماراً يسيرُ، على ظهرهِ سلَّةُ عنب، يمسكُ بها فلاح.أقبلتِ الذبابةُ على الحمار، تأتيه من هنا، وتأتيهِ من هناك.
والحمارُ يهز برأسهِ، ويضربُ بذيله.
والذبابةُ لا تتركهُ، بل تؤذيهِ وتزعجه.
تألَّمَ الحمارُ المسكين وشرع يرفسُ برجليهِ فأوقعَ سلَّة العنب.
فاستشاط الفلاحُ غضباً منه.
قالتِ الذبابةُ:
– إلى اللقاء يا صديقي العزيز!
وطارتِ الذبابة المشاكسة، تنتقل من مكانٍ إلى آخر، تؤذي مَن تصادفهم ، وتنقلُ إليهم الجراثيم.
وأخيراً. شاهدَت بيتَ عنكبوت، خيطانُهُ ناعمةٌ كالحرير.
قالت مسرورة:
– ما أجملَ هذه الأرجوحة! لا تليقُ إلا بذبابةٍ مثلي.
حطّتِ الذبابةُ على بيتِ العنكبوت. اهتزّت خيوطُهُ. انتبه العنكبوتُ. سارع إلى الذبابة، صار يلفُّها بخيوطه، والذبابةُ تصيح:
– يا أصدقائي. أنقذوني. يا أصدقائي!
قال العنكبوتُ ساخرة:
– يا لكِ من ذبابةٍ جاهلة!
قالتِ الذبابةُ:
– لماذا؟
قال العنكبوت:
– ألا تعلمين أنَّ الذبابَ ليس له أصدقاء؟!
صمتتِ الذبابة المشاكسة وحاولت الخروج من شبكة العنكبوت لكن دون جدوى.
لماذا يا ترى لا يملك المشاكسون أصدقاء؟.