نظارة فجر

 

بقلم مرح أبو اللبن

رسوم سلطان

– آآه… جفناي مرهقان، أشعر بحرقة شديدة في عينيّ، وبتعب أشدّ عند التحديق بشيء ما! يصرخ فجرٌ، واضعاً رأسه على إحدى قدمي أمه مستلقياً على الأرض.

– اهدأ… لا بأس عليك يا بني، لكن يجب عليك تطبيق إرشادات الطبيب أولاً، وينبغي عليك الالتزام بوضع نظارتك الطبية التي أعطاك إياها، حتى تتمكن من الرؤية بشكل أسلم وأسهل.08 نسخ

– لِمَ يا أمي لِمَ؟! لا أريد نظارة، فإني محرَجٌ من وضعها، ولا أظن أنها ستفي بالغرض.

– على العكس تماماً يا فجر، فهذه النظارة هي التي ستفي بالغرض، شيئاً فشيئاً ستحبها، وستعتاد عليها عندما تضعها وترى الفرق بأم عينك. فغالباً هذه عواقب الاقتراب من شاشة التلفاز، والإطالة في اللعب بألعاب الأجهزة الإلكترونية.

– قطعتان صغيرتان ستقومان بهذا العمل! كيف ذلك؟! ومن الذي صنعها؟ ترى هل هي من البلاستيك؟ أم من ماذا؟!

– سأخبرك، ولكن ليس قبل أن تضع النظارة، حتى تتمكن من رؤية ما جرى قديماً عبر صندوق الحكايات، هز فجر رأسه موافقاً.

في القرن الثالث عشر اكتشف أحد الإيطاليين أن هناك نوعاً من الزجاج إذا تقوّس واستدار عند الصهر، فإنه يعطينا نوعاً من العدسات تساعد الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر على الرؤية بشكل أوضح.

وكالعادة، خبرٌ وانتشر… رجلٌ إيطالي توصّل إلى اختراع عدسات تتيح لضعاف البصر رؤية الأجسام والأشياء البعيدة والكلمات الصغيرة، فعمّت البهجة قلب من كان محروماً من القراءة والعمل بسبب ضعف بصره، لقد هناك العديد من الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة، ولم يكن هناك حلٌ لها. فكانت النظارة هي الوسيلة التي تمكنهم من العودة لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، دون حرمانهم من العلم والعمل.

  • وكيف باستطاعة هذه العدسات أن تكبّر الأجسام من خلالها؟ تساءل 09 نسخفجر.
  • عندما توضع العدسة بين العين والكلمات المكتوبة على الصفحة يحدث أن يلمس الضوء الصفحة، ثم يبعد وينعكس عنها صوب العين، وعندما تصل أشعة الضوء إلى العين تتكون صورة صغيرة لهذه الصفحة على الشبكية التي توجد داخل العين، فترسل الشبكية رسالةً عن هذه الصورة إلى المخ، وعندما يتسّلم المخ هذه الرسالة فإن العين ترى الكلمات المكتوبة بشكل أكبر مما هي عليه. علماً أن هذه العملية لا تتم في خط مستقيم من الزجاج، فلا بد من تقوّس الزجاج لتنثني الأشعة وتنكسر وتنتشر كالمِروحة في الخارج، وتحمل إلى العين الصورة الواضحة تماماً. وهذه العملية سريعة جداً تستغرق جزيئات من الثانية فقط، ومع تطور العلم، دُعّمت العدسات الطبية وأصبحت أكثر نقاءً وصفاءً، وأصبح طبيب العيون يشخص قدرة ونوعية العدسة التي تتيح أعلى قدرة من الرؤية. أرأيت يا فجر محاسن نظارتك؟ فلا حرج في وضعها، واحمد الله على هذا الاكتشاف.

ابتسم فجر وصفق عالياً وقال: – نِعمَ الرأي يا أمي… سأبتعد عن شاشة التلفاز عند مشاهدته وسأقلل من اللعب بألعاب الأجهزة الإلكترونية، ولن أخلع نظارتي الطبية بعد الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *