مشكلة… وحل

بقلم/ تمارة شاكوج
رسوم/ ديالا زيادة
moshkelawhal2– كم هي صعبة الحياة وأسوأ ما فيها مدرستي…
هكذا كان سالم يفكر في طريقه إلى المدرسة يحمل على ظهره حقيبته ويسير بخطى بطيئة وكأنه لا يريد الوصول أبداً.
كان معتاداً أن يروي لأمه وأبيه كيف يشاهد بعض الأولاد يتقاتلون في المدرسة ولكن نصيحتهم لا تتغير أبداً:

ـ بالطبع يا بني في كل المدارس أولاد يفتعلون المشاكل ولكن إياك أن تقترب منهم ولا تدخل في صراعاتهم أبداً… لا تستجب لهم مهما أزعجوك أو استفزوك، إنهم لا يعبرون إلا عن قلة التربية والتهذيب.

ولكن سالماً تحول في مدرسته الجديدة إلى أحد ضحايا هؤلاء الأشقياء الذين ينتظرون مروره أمامهم فيتهامسون ويضحكون بصوت عال وهم يشيرون إليه، ولم يكن منه إلا أن ينكس رأسه ويمر صامتاً!
لكن مع مرور الوقت بدأ سلوكهم يزداد سوءاً حتى أصبح عبئاً يومياً على سالم.

ومرة اجتمعوا حوله وتظاهروا بأنهم سيضربونه وسخروا منه بشكل أحرجه للغاية أمام باقي الرفاق، ونعتوه بكلمات قبيحة ولكنه لم يستجب لهم رغم كونه قوي البنية! فقد كان يتذكر دوماً نصيحة والديه: إياك أن ينجح هؤلاء المزعجون في جعلك تتصرف مثلهم، فأنت إن رددت عليهم بنفس طريقتهم -وإن كنت على حق- فستخسر حقك لأنك ستصبح مثلهم.

واليوم كانوا بانتظاره على باب المدرسة…

ـ آه يا إلهي ماذا أفعل؟! هل أعود إلى البيت؟؟!! لا لا يمكنني ذلك، لا بد من المتابعة مهما كانت النتيجة. استجمع شجاعته وتابع سيره، تجمعوا حوله في حلقة دائرية فأصبح محاصراً بينهم ثم بدأوا يتقاذفونه بينهم ولم يكتفوا بهذا بل سلبوه حقيبته ورموها في الحاوية وكان الأمر محرجاً للغاية فشعر بألم وغضب شديد، وبصعوبة شديدة تمالك نفسه وراح يفكر: ما الحل؟ ماذا يجب أن أفعل؟ لابد لهذا الأمر أن يتوقف، سأطلب المساعدة من أبي فأنا بحاجة لمساعدة أحد الكبار، لعله ينجح في جعلهم يخافون فيتركونني وشأني.

في البيت روى لوالديه كل ما جرى معه في المدرسة، واستمعا إليه بكل اهتمام، ثم قالت له أمه: يا ولدي، أنا فخورة بك للغاية لأنك تمالكت نفسك رغم صعوبة الموقف، هل من الممكن أنهم يرغبون في أن تصبح صديقاً لهم؟!
ـ ماذا تقولين يا أمي؟؟!!! لا أعتقد ذلك أبداً، فهذا غير معقول.
ـ ربما لا يعرفون طريقة أخرى للعب؟؟
ـ لا، مستحيل يا أمي، هذا مستحيل.
صمت الأب طويلاً ثم سأله: هل تعرف عناوين منازلهم يا سالم؟
ـ بالتأكيد يا أبي أستطيع أن أدلك عليهم وخاصة زعيمهم خالد، ولكن لماذا يا أبي؟ ماذا ستفعل؟ هل ستخبر أباه؟؟؟!! سأل سالم وقد بدأ الشعور بالنصر يتسلل إلى قلبه فقد حان وقت الانتقام.
قال الأب مبتسماً: سأخبرك فيما بعد، ولكنني أعدك أنهم سيتوقفون يا صغيري.

مر الوقت ثقيلاً وبطيئاً على سالم، ولم يحرك والداه ساكناً: لا بد أنهما نسيا الأمر، هكذا فكر سالم وقد شعر بالحزن. ولكن والده ما لبث أن جاءه وقال له: هيا يا بني لنذهب لقد حان الوقت.
ـ أين سنذهب يا أبي؟
ـ سنقوم بزيارة خالد ونلتقي بوالديه.

انطلقوا جميعاً…
في الطريق دخل الوالد أحد المحلات وعاد إلى السيارة وهو يحمل كيساً كبيراً.
– ماذا يوجد داخل الكيس يا والدي؟
ـ ستعرف بعد قليل.

وعندما وقفوا أمام بيت خالد كان قلب سالم يدق بسرعة.
قرع الأب الجرس.
فتح خالد الباب! فامتقع لونه وبدا عليه الارتباك لحظة وقعت عيناه على سالم.
ـ أنت خالد؟ سأله الأب.
ـ نعم أنا يا سيدي، هل أخدمك في شيء؟ أجابه بصوت متلعثم.
ـ كم أنت ولد لطيف، شكراً لك، أرغب في لقاء والدك إن كان ذلك ممكناً.
عندها جاء والد خالد:- تفضلوا رجاء.
دخل الجميع غرفة الضيوف وبعد تعارف قصير، قال والد سالم: لقد أخبرني سالم أشياء كثيرة عن ابنك خالد، أخبرني عن المغامرات اليومية في المدرسة، وخاصة عن مغامرة الحقيبة اليوم… أعتقد أنه استمتع كثيراً، أليس كذلك يا عزيزي؟!
احمر وجه خالد خجلاً ولم يدر ماذا يقول أو يفعل… ولكن والد سالم استدار قليلاً وأخرج من الكيس الذي أحضره معه صندوقاً مغلفاً بكل أناقة وقدمه له قائلاً: هذه يا صغيري هدية متواضعة لك أرجو أن تعجبك، وكل ما أرجوه هو أن تقضيا أنت وسالم أوقاتاً طيبة في المدرسة، فأنت ولد محبب حقاً.
لم يصدق خالد ما يسمع واغرورقت عيناه بالدموع فقد شعر بخجل شديد من نفسه. أما سالم فكان عاجزاً عن فهم ما يقوم به أبوه.moshkelawhal1

في هذه الأثناء كانت والدة خالد قد أحضرت الشاي للضيوف، ولكن خالداً تقدم من سالم وقال له: تعال لنذهب إلى غرفتي عندي ألعاب كثيرة نتسلى بها! تردد سالم للحظة لكنه سرعان ما استجاب لدعوة صديقه الجديد.
هل تستطيع أن تتخيل كيف كان لقاء خالد وسالم في المدرسة صباح اليوم التالي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *