ليلى وأبجدية الربيع – حرف الراء

14

عندما اكتشفت ليلى معنى الذات وكيف أن لكلٍ منا صورته الذهنية عن الواقع بدأت الأمور بالتوضح في ذهنها وبدأت تتفهم وتتقبل فكرة اختلاف توجهاتها عن توجهات أصدقائها كجزء طبيعي من الحياة والواقع. هذا الاختلاف الطبيعي بين الأفراد، بعد أن فهمته ليلى، لم يعد يستفزها ولم تعد تشعر برغبة في مقاومته بل على العكس، بدأت تشعر بفضول شديد لاكتشافه والاستفادة منه.

وذات مساء جلست ليلى مع والدها تحدثه عن المدرسة ونهاية العام الدراسي وعن تشوقها للحفلة المرتقبة …
ليلى: هل تعرف أننا سوف نعمل حفلة كبيرة لنهاية السنة يا بابا؟
الأب: حقاً؟! هذا جميل. ماذا تخططون للحفلة؟
ليلى: لم نتفق بعد، غداً عندنا اجتماع كبير لنقرر ما هي النشاطات التي سنقوم بها، وأنا متوترة قليلاً.
الأب: وماذا في ذهنك أنتِ؟
ليلى: أنا أفكر بطرح فكرة تمثيل مسرحية، ولكني أخشى أن لا يكون هذا كافياً.
الأب: ماذا تقصدين؟
ليلى: أقصد أن الحفل سيكون كبيراً وسيدعى إليه أولياء الأمور والأساتذة، المسرحية ستكون مناسبة ولكنها لوحدها لن تملأ برنامج الحفل. أخشى أن يكون الحفل مملاً.
الأب: لا تخشي ذلك يا صغيرتي.
ليلى: وكيف لا؟
الأب: أنتِ تتحدثين وكأنك أنت الوحيدة صاحبة الأفكار أو كأن رأيك هو الرأي الوحيد الموجود. تذكري أن أصدقاءك أيضاًً عندهمآ آراء مختلفة واقتراحات وإبداعات سوف تغني الحفل.
ليلى: معك حق يا بابا، أتمنى أن نوفق لتقرير برنامج الحفل غداً وأعدك أن نحاول أن يشارك الجميع.

في اليوم التالي، اجتمع الطلاب كلهم لوضع خطة تفصيلية عن مجريات الحفل المرتقب، وبدأ كل منهم بطرح رأيه وأفكاره عن طريقة إنجاح الحفل وما يمكن تقديمه من نشاط …

ليلى: ما رأيكم بفكرة عمل مسرحية نمثل فيها جميعاً؟
كميل: فكرة جميلة، أنا أحب التمثيل. أنا موافق.
نيڤين: وأنا موافقة أيضاً.
جعفر: وأنا أيضاً، إنها فكرة رائعة حقاً.
كميل: ماذا تقترحون أن نمثل؟
نيڤين: هل تعرفون قصة علي بابا والأربعين حرامي؟
الطلاب: نعم، طبعاً نعرفها!
نيڤين: ما رأيكم أن نمثلها؟
الطلاب: فكرة جميلة، كيف سنتقاسم الأدوار؟
جعفر: أنا سأمثل دور علي بابا.
ليلى: أنا سأمثل دور الأميرة.
كميل: أنا سأمثل دور زعيم اللصوص.
هنا يضحك الجميع ويستمرون بتوزيع الأدوار على بقية الطلاب.
ليلى: هل عندكم أفكار أخرى غير المسرحية نستطيع أن نقدمها في الحفل؟
كميل: أنا أستطيع أن أقوم ببعض العروض الرياضية مع جعفر، فنحن نتدرب معاً على الجودو منذ فترة، ما رأيكم؟
بقية الطلاب: جميل!
نيڤين: أنا تعلمت عزف مقطوعتين على البيانو وأستطيع أن أغني أيضاً.
ليلى: ممتاز، لقد بدأ برنامج الحفل بالتطور!
هالة: أنا أستطيع أن أطلب من والدتي أن تصنع لنا بعضاً من الحلويات، أنا أساعدها دوماً وهي تصنع حلويات لذيذة. هل أعجبكم؟
الأطفال جميعاً بصوت واحد: حلويات! يا سلام. رائع!

وهكذا، ساهم كل من الطلاب وفق اهتماماته وقدرته ومواهبه في المشاركة في التخطيط للحفل وإنجاحه.

بالنسبة للأطفال لم يكن التخطيط للحفل متعة فقط، فمن هذا العمل المشترك تعلمت ليلى وأصدقاؤها أن تعدد الآراء والاستماع إليها جميعاً هو خير وسيلة للوصول إلى أفضل النتائج، فكل رأي يعبر عن وجهة نظر فريدة ومبدعة بحد ذاتها، ولكل رأي قيمة يجب ألا نهدرها أو نبخسها حقها.

لقد تعلمت ليلى وأصدقاؤها أن التعاون القائم على احترام حرية الرأي هو من أهم الطرق لنجاح العمل الجماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *