دخل متجهماً غاضباً وصاح بنا: آه! يا لكم من صبية! متى سيتوقف صراخكم؟ المعلم محمد مريض ولذا لن يستطيع الحضور، اهدؤوا قليلاً. تنهد الموجه لحظات ثم تابع: أقبل يا بلال واكتب قائمة بأسماء المشاغبين لا تدع اسماً يفلت من يدك،
هذه أمانة أحملك إياها.
– يا إلهي! إنه طلب محرج جداً، أنا لا أحب الرِّياسة، كما إن أصدقائي يشاغبون، كيف أكتب أسماءهم؟ ليس هناك مفر.
غادر الموجه إلى أعماله ووقفت على المنصة حاملاً ورقتي وقلمي مشيراً إلى عامر وبشر أن يسكتا بوضع سبابتي على فمي، لعلّهما يكفان عن الصراخ والقفز وإثارة الضجيج.. لكن دون جدوى، ماذا أفعل الآن؟ هل أخون ثقة الموجه؟ لكن.. أيعقل أن أخون أصحابي؟.
عاد الموجه قبيل انتهاء الحصة وسلمته الورقة صامتاً ثم تنحيت جانباً وأنا أتعرق لشدة ارتباكي، الموجه يقرأ ويقول: رامي، مهند، حسام، حسان.. صفقة موفقة، هل نسيت اسماً ما؟ أجبت بتلعثم: أ.. أ.. لا لا..
– حسناً فليلحق بي من ذكرت أسماؤهم.
ما إن خرج حتى دوت عاصفة من الاعتراض، رزين يقول لي: لماذا عاونت أصدقاءك على خطأ؟ كنت أظن ألا تكذب على الموجه. بينما قال عبد الله متأسفاً: – لقد ظلمت بقية الفتيان وكلتَ بمكيالين، كان بإمكانك أن تطلب السماح لهم جميعاً أو أن تكتب اسم بشر وعامر وينتهي الأمر. في هذه الأثناء، حدث ما لم يكن متوقعاً، الموجه يوبخ الصبيان الأربعة لحظة دخول مدرس اللغة الإنكليزية فإذ به يقول
متفاجئاً: لم لا يقف بشر وعامر بينهم؟ سمعت صوت صراخهما المرتفع أثناء مروري بالصف. صمت الموجه واستعاد نشرة الحادثة ليذكر ارتباكي عندما سألني أهذه كل الأسماء أم لا، واتجه إلى صفنا مسرعاً غاضباً يقول: لم أعهدك هكذا يا بلال.. تكذب علي؟ كانت صدمة لي، وقفت وتكلمت معتذراً: لم أكن أقصد، ولم أرد أن أخون أصحابي.
– لا يا صغيري، أن تقول إن صديقك مخطئ فهذه ليست خيانة، لا يصح أن تدافع عنه وهو على خطأ بل أن تنصحه وتوجهه.
أطرقت وعامر وبشر خجلين وصاح الموجه: على كل الأحوال أقدر محبتك لهم وأتمنى أن تتعاونوا في المرة القادمة على البر والتقوى.. ولكن..
تساءلنا معاً: ولكن ماذا؟
– سأعفي أولئك الأربعة وستتكبدون أنتم عناء العقوبة لأنكم لم تكتفوا بالشغب بل كذبتم.
نظرت إليهم بخيبة وقلت: لو اعترفت عليكما ألم يكن أفضل من تنظيف المدرسة أربعة أيام كاملة؟ فبادلاني النظرات الآسفة وقالا: نحن آسفان يا بلال لهذا الموقف المحرج، هيا إلى العمل فلا مفر.