كوكو يتخلّى عن عمله

 

كوكو كوكوووووو…

في الخامسة تماماً من كل صباحٍ يستيقظ أهل القرية على صياح كوكو. ينهض المزارعون إلى حقولهم والعاملون إلى عملهم، ربّات المنازل يبدأن بصنع الخبز والموظّفات يحضرن أنفسهنَّ للعمل.

شتاءً يهرع الأطفال إلى مدارسهم، أما في الصّيف…مممم… كم يودُّ أطفال القرية أن يناموا قليلاً بعد!

“يا لكوكو المزعج” هذا ما يفكرون به حالما يوقظهم صياحه صيفاً.

لا يستطيع كوكو أن يقرأ أفكار الأطفال، لذا فهو يستمر في صياحه الصباحي دون كللٍ أو ملل.

ذات يوم اجتمع أطفال القرية، واتفقوا على وضع حد لإزعاجات كوكو، وفي صباح اليوم التالي في الخامسة تماماً وقف كوكو كعادته على سور القرية رافعاً رأسه، ممشطاً عُرفه، فتح منقاره المصقول وبدأ بحماسٍ صياحه المعتاد “كوكو كوكووووووو”، ولم يكد ينهي صياحه حتى سمع صوتاً عالياً قادماً من كل بيوت القرية “اسكت يا كوكووووووووو”.009-copy

استغرب كوكو الصوت، وفكَّر: “لماذا يريدون إسكاتي؟!” رفع كتفيه غير فهمانٍ أو مبالٍ وعاد إلى خُمِّه، وفي الخامسة تماماً من الصباح التالي صاح.

اجتمع الأطفال غاضبين وقرروا هذه المرة أن يحبسوا كوكو في صندوق الخرداوات الخاص بالعم مسعود، وفعلاً قبل صياحه بقليل، تجمعوا عند سور القرية، وما إن اقترب حتى هجموا عليه ونفذوا خطتهم بنجاح، ثم عادوا إلى أَسرّتهم لينعموا بنوم طويل.

في الخامسة تماماً لم يصح الديك، ولم يستيقظ أحد من أهل القرية إلا العم مسعود الذي كان يستيقظ دائماً قبل كوكو بدقيقتين، ليجلس في غرفة الخرداوات ويبدأ هوايته الصباحية بتفقُّد أغراضه القديمة وإعادة ترتيبها، حين فتح صندوقه تفاجأ بكوكو وفكر: “يبدو أن هذا الديك صار عجوزاً مثلي وها هو يحاول مشاطرتي خرداواتي!”.

ابتسم العم مسعود للفكرة، ربت على ريش كوكو وأطلقه، عاد كوكو إلى خمِّه بحزنٍ… فقد اعتقد أن الأطفال يكرهونه، وقرر ألا يصيح بعد اليوم.

مرت الأيام والأسابيع، الأطفال ينامون حتى الظُّهر والكبار يوقظون بعضهم بعضاً ويتحسرون على كوكو العجوز، في الأسبوع الأول من افتتاح المدارس لم تنفع كل محاولات الأهل في إيقاظ أبنائهم في الموعد المحدد، ودائماً كانت الدروس تبدأ متأخرةً نصف ساعة على الأقل.

أدرك الأطفال خطأهم وقرروا الاعتذار من كوكو.009-copy-copy

وذات يوم ذهبوا إلى الخمِّ حاملين الحنطة والحبوب الشهية لكوكو، حاولوا أن يخبروه بندمهم وبحاجتهم إليه، لكنّه لم يرد.

في الخامسة إلا خمس دقائق من الصباح التالي استيقظ الأطفال، وما إن دقت الساعة الخامسة، حتى صاحوا بصوتٍ واحد “كوكو كوكوووووو”.

بعد دقيقتين رد كوكو التحية بأعلى منها “كوكو كوكووووووو…كوكو كوكووووو”.

فرح الجميع كثيراً، وكوكو لم يتوقف منذئذٍ عن الصياح فيوقظ القرية كلها حتى الأطفال صاروا يستيقظون قبل كوكو ليلقوا عليه التحية “كوكو كوكووووووو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *